(اليهود أخبث الناس طوية وأرداهم سجية وأبعدهم من الرحمة) ابن القيم الجوزية.
كلمات الإمام الكبير ابن القيم
الجوزية هي درر منثورة ونبراس نستضيئ به الدروب لمعرفة حقيقة اليهود
الأصلية على مر السنين والعصور، وهي كلمات جديرة أن يكتب بماء الذهب بل
بماء العيون، لما لها من أهمية ومعاني سامية ودلالة واضحة ووصف دقيق وشامل
في صفات اليهود المتاجرين بالرذيلة، والذين يمارسون أبشع الجرائم والدّسائس
وبدم بارد باسم التلمود المنحرف تارة والتستر بضبابيىة المصالح مرات أخرى،
أمة عنوانها المكر وسمتها الخديعة وشامتها الذل والهوان والإستقواء بالأمم
والشعوب الأخرى، أمة دأبت الخبث والخياتة والتطاول على الذات الإلهية
والسفك بدماء الأنبياء واستباحة الحرمات ونقض العهد ونكث الوعد.
اليهود ميزتهم الفسق والفجور
وعدم اهتمام النظافة كما قال هتلر في مذكراته المشهورة، ويحملون قلوبا ملأها
الجشع ونزع عنه الرحمة والرأفة وأعماه الطمع، وأفعالهم القذرة جعلتهم في
موقف حرج، وهي أمة منبوذة، وأحيل إلى متحف التاريخ كأمة شعارها “ضربت عليهم
الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس”.
اعتداءات اليهود على البشرية
كثيرة وقديمة قدم التاريخ، واشتدت اعتداءاتهم الآثمة بعد زرعهم في قلب
العالم العربي والإسلامي؛ ليكونوا ورم سرطاني وعاهة مستديمة تلتهم جسد
الثقافة والحضارة الإسلامية والعربية العريقة، وما زالت رحى مؤامراتهم تدور
وعيونهم الخبيثة تتربص؛ لأنها ذئب لا يصالح وثعلب لا يؤتمن، وأفعى رقطاء
تتسلل ولا تتوقف، وديدنهم هو زهق الأرواح وترويع الآمنين، ويجيدون لغة الدم
والقتل والعدوان والغدر والحرب، ويعتبر اعتداؤهم الأخير وقصفهم البربري في
مصنع اليرموك للأسلحة والذخيرة وتدمير ما فيه، وإثارتهم الرعب والخوف
والهلع في قلوب المواطنين وهجر الأبرياء عن أوطانهم وحرمان المساكين عن
منازلهم وجعلهم في حالة من الانكسار والضياع آخر مسرحية من مسلسلاتهم
الغادرة.
الاستهداف الإسرائيلي للسودان
ليس جديدا ولا وليد اللحظة بل اعترفت إسرائيل بدعم القوات المعارضة وقادة
التمرد الأول، وقامت بدعمهم وإيوائهم منذ عام 1955م، وكانت إسرائيل حضنهم
الدفئ والضرع الذي تدر ذهبا، وبلغ دعم إسرائيل لحركات التمرد ذروته في عهد
الحركة الشعبية لتحرير السودان الحاكمة في الجنوب وريئسها آنذاك الراحل جون
غرنق ربيب جوليوس نيريري عراب مشروع نشر المسيحية ورائد عمليات
الصهيوأمريكية في القارة السمراء وريئس تنزانيا الأسبق، والزيارة الأولي
لسلفاكير بعد تنصيبه ريئسا للجنوب إلى إسرائيل كانت تجسد مدى عمق العلاقة
والمحبة بين الطرفين، وقطعا كانت رسالة إستفزازية لمصر وعمقها الإستراتيجي
والتاريخي “السودان” والدول العربية والإسلامية الني كانت تمول وتدعم حركات
التمرد السودانية.
العدوان الصهيوني للسودان كان
مستمرا منذ قيام الكيان الصهيوني في أرض فلسطين؛ حيث ورد في مذكرات آبائهم
المؤسسين وخاصة مهندس دولة إسرائيل الذي رسم نظرية الأمن الإسرائيلي ” بن
غوريون” أنهم يتبعون سياسة محاصرة وتضييق الخناق للوطن العربي وتفكيكه من
أطرافه بدعم الأكراد في أقصي الشمال والجنوبيين في جنوب السودان وتشجيع
الأمازيغ في دول المغرب العربي والتحالف القوي وتوثيق الصلة مع شاه إيران
في مشرق الوطن العربي؛ ليكون الوطن العربي في قبضتهم الحديدية، وكانت تهتم
دائما الأمن القومي العربي وإضعافه وخلخلته وفي نصب أعينهم مياه النيل
وإضعاف العمق الإستراتيجي لمصر ومحاصرتها من ناحية الجنوب.
يقول استاذ الكتور محمود محارب
(كان بن غوريون يعتقد أن الخطر على إسرائيل يكمن في قلب الوطن العربي أي
“دول الطوق”وخاصة مصر ويجب ضرب المشروع العربي وحاضنته مصر وريئسها عبد
الناصر قائد المشروع ورمزه، وسعى بن غوريون البحث عن شقوق في الجسد العربي
وعن مصالح آنية وضيقة مع نخب عربية وعن مصالح مشتركة مع أقليات عرقية أو
طائفية في الوطن العربي، كما سعى لإقامة تحالف مع” دول الحزام” أو “دول
الأطراف” أو “دول المحيط” الواقعة في أطراف الوطن العربي ضد دول القلب
المحاذية لفلسطين، وضمت دول الحزام في الخمسينات والستينات من القرن الماضي
كلا من: تركيا وإيران وإثيوبيا وأيضا السودان واليمن).
إن قصف مصنع اليرموك للذخيرة يحمل دلائل ورسائل كثيرة في طيّاته.
ربما أهمها رسالة تحذيرية
شديدة اللهجة وموجّة لإيران بأن منشآتها النووية ليست بمأمن؛ بل بمرمي
نيرانها وأن المقاتلات الإسريلية ستقطع نفس المسافة التي قطعت لتصل إلى
سماء الخرطوم؛ لتنفذ هدفها بدقة كبيرة رغم تباين القوة وتفوق القدرة
العسكرية الإيرانية على السودان.
والرسالة الثانية موجهة لمصر
وخاصة جزيرة سيناء التي أصبحت صداعا مزمنا في رأس ساسة إسرائيل بعدما باتت
سيناء مرتعا خصبا للحركات الجهادية، وإذا أضفنا إلى ذالك ورود أنباء تتحدث
عن إختراق إسرائيلي للأجواء المصرية وكسرها حاجز الصوت في أولي ساعات الفجر
وبعدة محافظات من بينها القاهرة والإسكندرية تكون لدينا قناعة تامة لصحة
ما ذكرنا.
وأعتقد ان الرسالة الثالثة موجهة لحركات المقاومة الإسلامية سواء كانت حزب الله أو حماس أو جهاد الإسلامي.
إسرائيل تقوم بجرائم حرب
وانتهاكات سافرة للقوانين والمواثيق والأعراف الدولية، ولم ينقطع اعتداؤها
بداً بهجومها الوحشي على مفاعل تموز النووية العراقية عام 1981م، واغتيالها
المنظم لعلماء والكوادرالعراقية مرورا بتدميرالمفاعل السورية في دير
الزور، وكلها تشكل دلائل واضحة وبراهين تؤكد أن إسرائيل دولة مارقة وفوق
القانون، ولا تعترف المعاهدات؛ بل تتصرف وكأنها بوليس العالم ولها الحق
المطلق لقصف وتدميرالأهداف المدنية والعسكرية في أي دولة عربية أو إسلامية
وتنتهك أمام أعين العالم في دول لها سيادة تامة، وتتمتع بعضوية كاملة في
الأمم المتحدة والمنظمات العالمية والإقليمية، ولايخاف الكيان الصهيوني من
الجلد والعصي التي يلوح بها الغرب المتواطئ معها في وجه الدول الإسلامية
والعربية.
المصنع الذي قصفته إسريئل
ودمرته لم ينتج يوما أسلحة دمار شامل ولا وسائل نقلها “الصواريخ” بل كان
ينتج السلاح التقليدي الذي تمتلكه كل دول العالم، وإذا كانت إسرائيل تمتلك
الأسلحة النووية والقنابل العنقودية والطائرات بدون الطيار فمن حق السودان
امتلاك أقوي المصانع وأحدثها سواء كان عسكريا أو مدنيا، كما أن لها الإرادة
المطلقة والحق الكامل لمن تتعامل وتبني معه علاقات حميمية سواء كانت إيران
أو حزب الله أو حماس.
مصنع اليرموك الواقع في جنوب
الخرطوم كان يعتبرمفخرة للصناعة العسكرية السودانية، وكان شاهد عيان وشهادة
شرف بالشوط البعيد الذي قطعته الصناعة الحربية السودانية والاكتفاء الذاتي
الذي وصلت إليه القوات المسلحة السودانية في ظل الحصار الخانق الذي تعاني
منه السودان حكومة وشعبا، ورغم ذلك لم يتوقف دواليب الحكم في السودان، ولم
يجن الغرب أي مكاسب يذكر في حصاره للسودان، ولم تكسر شوكة هذا الشعب
الأصيل؛ بل زادت له المحنة قوة وعزيمة وتمسكا بتعاليم دينهم الحنيف، وتأججت
المشاعر ضد الغرب وباتت السودان رمزا قويا ومعلما بارزا من معالم الإسلام؛
رغم كل “عوامل التعرية” السياسية والاقتصادية التي أصابتهم، وخطت السودان
بخطوات ملموسة نحو الاكتفاء الذاتي في كل شيء تقريبا، وما ضرب المنشآت
والمراكز المهمة للأمة السودانية العريقة والتي بنيت بعرق ودم هذا الشعب
الصابر إلا صدى حقيقية للفشل الذريع والطريق المسدود الذي وصلت إليه
الدبلوماسية والسياسة الغربية الهوجاء.
تمثل الخرطوم العاصمة التاريخية
ومعقل قوي الممانعة، كيف لا وهي مدينة اللآت الثلاث حدث ذلك في 29 اغسطس
عام 1967م (لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض) العاصمة التي قطعت حبل الصهيون
وإلى الأبد، ووقفت وبحزم شديد في وجه الميوعة السياسية والنفاق الدبلوماسي
لبعض الدول العربية، أوصدت السودان جميع المنافذ في وجه إسرائيل، ولأن
السودان لا تخاف من سيف إسرائيل، ولا ترجو ذهبها فقد أبت التطبيع والاعتراف
والاستسلام تحت رهبة السوط أو رغبة الجزرة.
السودان دولة تمتلك كل الموارد
والمصادراللازمة؛ لتكون دولة مؤثرة في محيطها العربي والإفريقي والعربي
والعالمي، وتستطيع وبمدة وجيزة نهوض اقتصادها وتقدم تكنولوجيتها وتحسين
مستوي معيشة أهلها الذين وكغيرهم من الشعوب المنكوبة لا يفعلون سوى مراقبة
شروق وغروب الشمس بسبب صعوبة العيش في ظل ظروف اقتصادية ومعيشسة بالغة
الصعوبة؛ ولكن ولكي لا تتقدم السودان يتعامل معها الغرب المتغطرس بقسوة
شديدة؛ حيث فرض عليها حصاراً خانقاً وظالماً ويتعامل معها بإزدواجية؛ حيث
ينادي بالديمقراطية والمساواة وحقوق الإنسان وتكريس العدالة واحترام إرادة
الشعوب، ولا يحترم الغرب المغرور الإداراة المنتخبة من قبل الشعوب؛ بل تهدم
البيوت على رؤوس ساكنيها ويجرب أحدث الأسلحة على جماجم الأبرياء.
الشعب السوداني متدين بطبعه
ومحبة القدس وفلسطين وجميع بقاع المسلمين تجري في عروقه، والسودان بشموخ
شعبه وحبهم الشديد للإسلام وأهله ومعارضتهم الدائمة بأي شكل من اشكال
التطبيع وأنفتهم الغريزيه أن يكونوا أداة في يد المستعمر الذي عاد هذه
المرة لا وراء العسكر والأسلحة ورايات الغزو المباشر في السودان؛ بل بأزياء
حديثة وشعارات برّاقة يحملها خبراء ومدربون وجواسيس وعملاء ومهنيون ورجال
دين كذلك، مورس ضدهم ولاقت السودان كل أنواع الظلم والتضييق، وسعى الغرب
باتباع سياسات ملتوية وعدوانية ضد السودان لتفتيته وقطع الأوصال في أجزائه
وتقسيمه إلى دويلات متناحرة، وقد نفذت الخطوة الأولى من هذا المشروع،
وأصبحت السودان الكعكة التي قسمت؛ بل شرحت إلى فطائر متناثرة لكثرة
المؤامرة والضعف والوهن وشدة الهجوم عليها، وما يجري الآن في دارفور وجنوب
كردفان والنيل الأزرق خير دليل وغني عن الكلام، ولا يوجد ـ حسب علمي ـ
دولة محاربة على ظهر البسيطة مثل ما يحارب السودان لما لها من ثقل
جيوبولتيكي واقتصادي هائل، فالسودان سلّة العرب الغذائية وبوابة الإسلام
الإفريقية ومستودع طاقاتها المستقبلية، وهي القنطرة التي يلتقي فوقها
الحضارة الإسلامية العربية وإرثها التاريخي والروحي والحضارة الإفريقية
وإرثها الشعبي والأدبي، وتمتزج الحضارتان ويكونان معا لوحة شعبية جميلة
وفسيفساء براق يغذي روافد الحضارة وعراقة التاريخ والتنوع العرقي
والإنثربولوجي المنسجم في السودان.
صحيح أن السودان لا يملك
إمكانيات اقتصادية قوية وقدرات عسكرية جبارة مقارنة بالأمبريالية العالمية
والكيان الصهيوني؛ ولكن يملك الشعب السوداني بعقيدة إسلامية لا تعترف
الاستسلام والاستكانة وإيمان قوي لايضعف ولا يلين وإرادة حديدية وشهامة
أصيلة، شعب من خام خاص اكتسب من النيل العظيم الهبة والعطاء بلا توقف
ومقاومة كل الظروف وتسخيرها لصالحه والمضي قدما وشق قسوة الطبيعة ليروي
الملايين، واكتسب من آبائه الكبار أمثال الأمام المهد والتعايشي و ود
حبوبة والقامات الوطنيه الأخرى الذين رووا دماءهم الزكية فداء ومهرا لتربة
السودان الطاهرة، ومقارعة الاستعمار ودحض كيدهم وعدم الاستسلام حتى الرمق
الأخير.
الاعتداءات الإسرائيلية على
السودان ليست المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة على الأغلب، فإسرائيل تواصل
حرب المياه ومصادره النادرة، وجثمت اليوم على منابع النيل وفرضت رأيها معظم
دول حوض النيل، وتوغلت في عمق القارة السمراء، وتكسب كل يوم أصدقاء جدد،
وتؤسس قوى ناعمة لها تصدر إليهم منتجاتها ويكون لها السوق المستهلك
لبضائعها، كل ذلك يحدث في غياب رسمي وشعبي للعرب والمسلمين حتى تحولت الدول
التي كانت بالأمس القريب تؤيد القضية المركزية للعرب والمسلمين “فلسطين”
تؤيد اليوم إسرائيل إما بالتلميح أو بصريح العبارة، وفي أحسن الأحوال
يتساوى عندهم الجلّاد والضحية! وما هذا إلا لتقاعس العرب والمسلمين عن نشر
أفكارهم والتودد لكسب قلوب الشعوب وتقوقعهم الداخلي وانشغالهم بسفاسف
الأمور وضحالة المعرفة وتسخير إمكانياتهم للغيرأو مما لا طائل تحته؛ مما
حيّر العقول السليمة والضمائر الحية!.
إسرائيل تمر اليوم بأسوأ
حالاتها والقوة التي تتباهي به إسرائيل هو مثل الخشب المبلّل الذي يزيد
اشتعالا مع اللهب وسرعان ما يتوقف عن الاحتراق، ورغم أن الغرب يمد لها أحدث
الأسلحة وآخر ما جادت قريحته عسكريا وتكنولوجيا إلا أنها وبخطواتها غير
المدروسة وتخبطها وقيامها بمهمّات مثيرة ومليئة بالتحديات ولعبها بالنار
سيحترق الكيان الصهيوني الغاصب وحفنة المعتوهين الذين يديرون شلّة من
المتسكعين في شوارع و أزقات جمهوريات السوفييت الشرقية البائسة قبل
احتلالهم لفلسطين، واليوجينية الإسرائيلية وتحسين نسلهم وتشحين ملايين
المهاجرين اليهود إلى فلسطين لا يزيدهم إلا معاناة وضيق ومشقة حين يرجع
الحق إلى أصحابه وترجع المياه إلى مجاريها الطبيعية، وتستعيد القدس عافيتها
وقدسيّتها ومكانتها الطبيعية وتتزين القدس بالفاتحين وتكتسي بأبهي الحلل
وتتوشح المنابر الخالدة بالسجاد المطرز بالزبرجد الأخضر ويفتتح الخطيب في
مستهل خطبته (فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين) سورة الأنعام آية رقم 45.