في ظل دوامة العنف التي لا تنتهي افتقدنا الحكم الراشد والعدالة القاصدة التي تؤسس للأمة دولة تدعوا إلي الوحدة الوجدانية قبل الوطنية وحياة الرغد والعيش السعيدة ، وحكما اساسه العدل والقانون ودولة تسودها المبادئ والحرية وتقودها المدنية واحترام حقوق الإنسان وحفظ النفوس والممتلكات من أيدي العابثين والمتهورين والسفاكين للدماء المصاصين له.
لم يكن المجتمع أحسن حالا من المجرمين الذين نهبوا الأموال ودمرو البلاد وشردوا الضعفاء لأنهم في معظم حالاتهم مثلوا دور المساند للعصابات المتناحرة في الوطن وصفقوا للإجرام بل ساعدوا زعماء القبائل وحاملي الميت والكراهية أن يصلوا إلي سدة الحكم وراس الهرم وكرسي الرئاسة بسواد قبائلهم وكثرة مسانديهم وأخفقنا في ذالك فن التعامل مع الأزمات والقدرة علي تجاوزها واقتربنا اليأس وشارفنا الإستسلام الكامل إلي الواقع الموحش والمستقبل القاتم.
وفي خضم المعاناة برز في الأفق ومضة أمل لمستقبل مشرق للأمة علي أيدي مخلصين من أبناء الوطن أعادو البسمة إلي وجوه الأطفال والحب والحبور علي صفحة الوطن ومسحو الدموع عن مآقي المفجوعين وأجبرو خاطر المكسور وخففو المعاناة عن البائسين والكادحين، ومن بين هؤلاء المنقذين الذين أنقذو حياة الأجيال بمواردشحيحة وإمكانيات ضئيلة وطاقات محدودة وإرادة صلبة وعزيمة لا تلين وعريكة لا تهون الأساتذة والمعلمين الذين أصبحو مثالا يحتذي به في الحب والإخلاص والتفاني لتأدية الواجب بأكمل وجه وإنقاذ البراعم وزهور الوطن من الضياع والجهل والتشرد.
لم يكن في الأفق ما يدعوا إلي التفاؤل وما يرسم البسمة علي وجوه البسطاء بل كان ظلام الحياة يحيط الشعب من كل جانب وديجور الليالي يكتنف الساحة بكل شبحه القاتم ولونه السود الكريه حتي فقد الشعب إيمانه بالحياة أوكاد! وهنا قيض الله للكادحين أساتذة وعلماء كونو المدارس وأسسوا المعاهد وبنوا الجامعات ونشروا دور التعليم في ربوع الوطن في ظرف دقيق للغاية ووضع حرج لم ينتظر أكثر المتفائلين تفاؤلا أن تحدث ثورة تعليمية ونهضة معرفية جبارة في الصومال وخاصة في الجنوب الملتهب ومدنه العصية علي الأمن والإستقرار.
بدأت عجلة التعليم تتحرك وبدانا نرتاد المدارس ونعشق الدراسة والبسمة لا تفارق علي محيانا والدعاء والإبتهال سيدا الموقف من أن يدوم الله هذه النعمة التي نعيش فيها ونستمتع بصداها.
وحقيقة كانت المدارس والتعليم حلما بعيدا المنال وطيفا جميلا يداعب المواطنين دون أن ندري أين نبدأ؟ ومن يساعد ويهب لإنتشال ما يمكن إنقاذه وتعليم الصغار إذ التعليم من الأركان الأساسية للنهضة والتطور حيث تساهم الإستقرار السياسي والإقتصادي ورفع مستوى الفرد والجماعة والقيم الثابتة التي لا يؤثر فيها أو يعدل فيها مرور الزمن كالحق والعدل والجمال والتي تصب في نهر التنمية للإنسان الصومالي الذي يكافح من أجل حياة ملؤها السعادة والأمن والإستقرار السياسي والنفسي ويناضل من أجل غد أفضل يحمل إلي الجموع تباشير لخير قادم يشطب عن الذاكرة المآسي والمصائب ألأحزان التي لا ضفاف لها وجثمت حينا من الدهر علي صدور البسطاء والكادحين .
وحقا كانوا أئمة الدين والدنيا ومن بأيديهم نجي الله هذا الجيل الذي من المنتظر أن يقود الأمة إلي بر الأمان وشاطئ السعادة، لأنهم كانو شموعا للتنوير يحرقون أنفسهم لإضائة الطرق وإنقاذ الشباب عماد الأمة وأمل الغد والأطفال مستقبل الوطن والورقة الأنصع والأجمل في الوطن.
كانت سمتهم التواضع وعنوانهم الإخلاص وشارتهم الرفق والفرد منهم كان لا يتشامخ ولا يتعالي ولا يتعالم ولا يزدرى الخلق ولم يكن إناء أجوفا يحمل الكبر والغطرسة والخفة وبطر الناس في مخيلته ويعلق أنفه إلي الثريا وأسته في الثرا! بل كانو فوانس للدجي وجبالا راسيات للخير وسهاما مشعة تحارب الجهل وتهدم قلاعه الكريهة واحدة تلو الأخرى.
وفي مناسبة تخرجي عن الجامعة ووضع القدم في عتبة العلم والإمتلاك لمفاتيح المعرفة أقول شكرا لكل من ساهم وشارك في انتشال جيلنا من أوكار الجريمة ومعاقل الإجرام وبراثن الجهل وأخص الشكر والتقدير لأستاذي الجليل أحمد الهادي عثمان الذي حفظت بيديه قول البارئ{جل جلاله}، والأستاذ عبدالله طلب أستاذ اللغة والأدب العربي في المدرسة والذي أحببني القراءة والمطالعة ولغة الضاد وشجعني في المضي قدما للتبحر في هذا اللغة العظيمة، ولا أنسي أستاذي في التاريخ والجغرافيا صاحب الفكرة المتالقة والخيال الواسع والتجارب الكثيرة والثقافة الواسعة عبد الخالق ،واشكر أيضا مدير مدرستنا في الزمن الجميل الأستاذ عبد الشكور شيخ محمد، والشكر موصول لمؤسس مجموع مدارس جوبا وجامعة كسمايو الدكتور محمد ولي شكر الله سعيه، وجميع من نهلنا من نميرعينهم المدرار ومن نقشوا بحبهم علي عقولنا الطرية وقلوبنا المفعمة بالحب والإيمان فحفظنا حبهم في الحدقات وفي العيون ومن بين الضلوع