أتربع فو تل رفيع مصنوع من الرماد
والركام، وبقايا أطلال لوطن يئن ويتوجع حرقة وأسفا.
أتأمل
على صفحة وطن ملئية
بالفواجع، والمآسي، والحروب، والمجاعات، والتشرذم.
وطن بلّلته دموع القلوب الحزينة، وضاع
في ممرات التأريخ وأزقات الزمن المتداخلة.
وطن جبروت الصراعات جعلت شاشته الناصعة
ملطخة بالدموع والدمار والدماء.
وطن أجرس الندم وأناشيد الأحزان تقرع
في البيوت والحارات، والأزقات المؤدية إلي الصدع والصدى.
وطن دقات طبول الكراهية تزيد فجوة
التبعثر الجغرافي، وتبدد حلم الدولة المرسومة على مخيلة البسطاء.
****
الفن الأصيل والأغاني المترعة بأريج
العشق ومرح المحبين وهذيانهم، أصبحت صورة لأزمنة مضت تذرف الدموع لذكرها.
الحبال الصوتية، والألحان الندية التي تختصر
مسافات الجمال وفراسخ الإبداع ،طمرتها رياح التبلد والتقليد الأعمى.
وفقدنا الألعاب الفلكورية، والرقصات
الشعبية، ومجالس الشعر والغناء، وتكايا السمار،
والألغاز، والحكم،والأمثال.
***
لم تعد الأعشاب الربيعية ترتعش على
هامات الجمال منتشية بندى الصباح أو نسمة ليلية تغازل الريحان.
ولم تعد هديل الحمام تحرك الوجدان،
وتغريد القمرية يملء جنبات الوادي في الشروق زقزقة وألحانا.
ولم تعد المياه الصافية تتموج على صفحة
النهر، وهي تطلق خريرها الممزوج بموسيقى
الطبيعة في هدأت السحر.
ولم تعد المدن تستقبل الشعب بإبتسامتها
المعهودة، بل أصبحت لافتات للأشباح، والموت المطلّ رأسه في كل زاوية وركن.
ولم تعد العشيقة تعزف سيمفونية الحب
وهي تصنع من سردها قصة بانورامية تتغنج الأتراب في ذكرها طربا وهيجانا.
****
وإختفت الإبتسامة علي جبين السمراوات، وطمرت الفاقةالغمازة
اليمينية لجارتنا، وتبدلت المحاسن وهزل الجسد.
ومات الحاج على أوسع الحارة ضحكا
وأنداهم كفا وأغزرهم علما، ورحل حسن نور قائدنا في الملاعب وخارجه.
وجعلت الفواجع والمآسي المتتالية كحبات
المطير الوجوه متاحف خازنة للخوف والهلع، وملامح عاشقة للتشرد والترحال.
جفّ الضرع، وأندثرت المعالم، وتحولت
المساحات الخضراء إلي صحراء عتمور، والغابات إلى ميادين للفحم والتلوّث.
***