الثورة هي تلك الطريقة
الشائعة التي يعبر بها الشعوب المقهورة مشاعرهم وتطلعاتهم، وعبرها ينفض الشعب غبار
الذل والإستكانة عن نفسه، ويدحر المحتل والمستبد بحراكه وبنضاله وعزيمته الثورية، وترتبط الثورة غالبا بمدلولاتها الثقافية
والسياسية وتأثيرها وتاثّرها لأنظمة الحكم وزخمها الإعلامي وما يرافقها من التغيرات
الجذرية التي تحدث لفلسفتها ووقودها الفكري والبشري، كما ترتبط الأساليب المتبعة لتحقيق أهدافها سواء كانت سلمية أو
حربية، ومدي تحقيق أهدافها وطموحاتها،
وإلي أي مدى وصل صوت الثوار بإختلاف أفكارهم وفلسفتهم وأيديولوجيهاتهم، لذا تتعدد
التعريفات بتعدد مآلات الثورة وتنوع أهدافها ونهايتها ومطالبها، وقادتها ومفكريها
ومفاهيمها.
وتطلق الثورة لغة: الهيجان
والوثوب والظهور والانتشار والقلب ، ورد في لسان العرب (ثار الشيء ثورا وثورا
وثورانا وتثور هاج... وثار إليه ثورا وثؤرا وثورانا وثب... وثار الدخان وغيرهما
يثور ثورا وثؤورا وثورانا ظهر وسطع ) ويقول الطبري ( ثار يثور وثورانا إذا انتشر
في الأفق ) .ويقول تعالى (لا ذلول تثير الأرض)(البقرة:71) (اى لا تقلبها بالحرث
القلب الذي يغيرها فيجعل عاليها سافلها)، و(كانوا اشد منهم قوه واثاروا الأرض
وعمروها)(الروم:9) (اى قلبوها وبلغوا عمقها)
.
أما المصطلح اللاتيني Revolution
فهو تعبير فلكي الأصل شاع إستعماله بعد أن أطلقه
العالم البولندى كوبر تيكوس على الحركة
الدائرة المنتظمة للنجوم حول الشمس والتي لا تخضع لسيطرة الإنسان، وبالتالي تضمن
المصطلح معنى الحتمية.
أما الثورة اصطلاحا فقد تعددت تعريفاتها ، يقول ميرل الثورة هي حركة إجتماعية بها تحل بعنف
أسطورة جديدة محل أسطورة قديمة ، ويقول دن الثورة هي تغيير جماهيري سريع وعنيف ،
ويقول جورج سوبر بيتي الثورة هي إعادة بناء الدولة ، ويقول مود الثورة مجرد تغيير في بناء الحكومة ، ويقول
شاتوبريان الثورة انقطاع في التاريخ،ويقول بيتي هنتنجتون و نيومان الثورة إبدال
القيم...و بالجمع بين ما هو مشترك في هذه التعريفات يمكن تعريف الثورة بأنها
التغيير خارج إطار نظام قانوني لا تتوافر فيه امكانيه التغيير، فهي تغيير فجائي
وكلى يتم خارج إطار نظام قانوني لا تتوافر له الشرعية ، وهي بهذا تختلف عن
الإصلاح الذي هو التغيير من خلال نظام قانوني تتوافر فيه امكانيه التغيير ، فهو تغيير تدريجي جزئي
سلمى يتم من خلال نظام قانوني تتوافر له
الشرعية(1).
ويمكن تعريف الثورة بأنها فعل
شعبي عفوي تلقائي غير منظم يهدف إلى إحداث تغيير جذري شامل في بنية النظام السائد
في المجتمع، وتختلف الثورة عن الانقلاب الذي يمكن تعريفه بأنه فعل منظم تنفذه
مجموعة منظمة هدفه السيطرة على السلطة من خلال إزاحة الممسكين بها عنها والحلول
محلهم في الإمساك بزمامها.(2)
إذا
الثورة هي تلك الطريقة العفوية التي تنطلق بصورة تلقائية ودون تخطيط مسبق لتغيير
الواقع المؤلم، ولم يخلو عصر من عصور التاريخ ثورات جبارة
وموجات تحررية تلهب الضمير وتبث الحماسة في نفوس الثائرين، وفي خضمها رُفعت
المبادئ العادلة التي تدعوا إلي الحرية والعدل والإنصاف، ومطالب تندد الظلم والحيف
في حياة البشر، ومفاهيم مستنيرة تأبي الجهل والتخلف الذي يعتبر الإبن البار لللإستبداد
والإستعمار.
ودائما ماكانت الثوراة تحمل
أفكارا يعتبر سر وقودها وتوجهها نحو مآربها وفي إطار مجموع هذه الأفكار تتشكل فلسفة
الثورات التي تعني أمرين في غاية الأهمية:
1.
مجموع
التصورات والافكار والطروحات التي تتبناها الثورة، والتي تشكل في مجموعها
"الرؤية".
2.
النهج
الذي تسلكه الثورة للوصول الى أهدافها والذي يتمثل في مجموع الاعمال الثورية، التي
تعكس افكار وتوجهات الثورة غالبا (3).