الجمعة، 10 فبراير 2017

يوميات جيولوجي (3-3)


الدراسة:

دراستنا في مجمع السبلوقة الناري كانت تركز ثلاثة أشياء مهمة بالنسبة لكل جيولوجي في بداية مسيرته العلمية ورحلاته الجيولوجية:
1: الدراسات الحقلية.
2: التخريط أو الخريطة الجيولوجية.
3: التطبيقات الجيوفيزيائية.

*جيولوجيا حقلية
الحقل:-Field
هو تعبير عام لأي مكان خارج المعمل أو في العراء حيث يستطيع الجيولوجي عمل القياسات والدراسات وتسجيل الملاحظات الأولية وجمع الصخور والمعادن والأحافير(Glossary of Geology by Bates).
والعمل الحقلي (Field Work) من الضرورات الحتمية لأعمال التخريط الجيولوجي المختلفة والتي قد تشمل الاتي:-
1: الخرائط الطبوغرافية الاساسية Topographic Base Maps
2: الخرائط الاستطلاعية الجيولوجية Reconnaissance Geological Maps
وهي خرائط المنطقة المجهولة وبمقياس رسم حوالي 1:250000 وبعض هذه الخرائط عبارة عن خرائط تصويريةPhotogeological Maps. حيث يتم رسمها اعتمادا على معلومات حقلية قليلة وتفسير الصور الجوية
3: الخرائط الجيولوجية الاقليمية Regional Geological Maps وهذه خرائط بمقياس رسم ما بين 1=50000 إلى 1=100000
4: الخرائط الجيولوجية المفصلةDetailed ومقياس رسمها حوالي 1=10000
5: الخرائط المتخصصة وهذه خرائط متصلة جدا 1=1000إلي 1=25000
وأيا كان نوع الخرائط الجيولوجية المطلوبة فإنه تخصص فترة زمنية لأعمال التخريطMapping في الحقل لوحظ أنها دائما تقل أو تساوي فقط الوقت اللازم لإجراء الاعمال الحقلية اللازمة.
ويتطلب أمر إجراء الدراسات الحقلية:
1:التعرف على الظواهر الجيلوجية المختلفة في الصورة الجوية باستخدام عناصر التفسير.
2: توجيه الصورة الجوية بالنسبة للأحداثيات الجغرافية.
3: إيجاد و التعود علي مقياس رسم الصورة الجوية.(2)
(2)http://sudangeo1.ahlamontada.com/t873-topic

** تعريف الخريطة الجيولوجية
هي عبارة عن تجسيد بياني على سطح مستوى للوحدات الصخرية والبنيات الموجودة على مساحة ما ويتم رسمها باستخدام الخطوط والرموز والأنماط وربما الألوان. وهي عادة تصف تركيب الصخور وتقارن بين الوحدات من حيث الموقع والزمن. وقد تحوي أيضاً مقاطع عرضية وجداول للبيانات المقارنة:

الخرائط الجيولوجية:
تؤمن الخرائط الجيولوجية معلومات حول الصخور والبنيات الموجودة على سطح الأرض. وتحتوي هذه الخرائط على معلومات حول الملامح الكيميائية والفيزيائية للصخور وحول علاقاتها المكانية والزمانية ومحتوياتها المحتملة من المعادن.
وتشمل التطبيقات العملية للخرائط الجيولوجية:
ــ استكشاف وتنمية الثروات المعدنية ومصادر الطاقة والمياه
ــ تقويم إستغلال الأراضي والتخطيط لحماية البيئة
ــ التقليل من مخاطر الزلازل
ــ التنبؤ بالمخاطر البركانية

(3) ــ تقليل الخسائر الناتجة عن الإنزلاقات والإنهيارات الأرضية
(3)http://www.sgs.org.sa/Arabic/earth/Pages/NewExplosion.aspx
الجيوفيزياء التطبيقية:
وتعني إستخدام الطرق الجيوفيزيائية في تحديد هدف معين تحت سطح الأرض، مثل المياه الجوفية، والمعادن الاقتصادية، والأجسام المدفونة بأنواعها،والبترول والغاز ومعرفة التركيب الجيولوجي للطبقات تحت السطحية، وما تحتويه من كهوف أو صدوع أوفراغات وفي مجال التطبيقات الهندسية.
وهذه الطرق تنقسم إلى: الطرق الجاذبية والمغناطيسية والكهربية والكهرومغناطيسية والسيزمية والرادارية (4) 

لم تكن رحلتنا علمية فحسب بل كانت رحلة مزدوجة علمية دعوية، ومن نافلة القول أن يدرك القارئ أن جامعة إفريقيا هدفها الأول هو تخريج وإعداد داعية إسلامي يحمل هم الدعوة وتبليغها للناس، سواء كان الخريج صحفيا أو طبيبا أو مهندسا أو تربوياً، وهكذا كانت الدعوة ونشر الإسلام من صميم برامجنا نشرح للناس سماحة الإسلام وفرائض الدين وأركان الإيمان ونتجول في الأحياء والأسواق والمساجد لنشر الإسلام، ورأينا بأم أعيننا مجتمعا جائعا للدين محتاجا للدعوة الإسلامية يحب العلم والعلماء وكل ما له صلة بالدين الإسلامي.
لقد رجعنا بفوائد جمة ومعرفة غزيرة من تلك الرحلة وخاصة حياة المعسكر مع وجوه جديدة وطلاب عشنا معا في أروقة الجامعة فقط، وأهم ماتستفيد في المعسكر هو الدقه والتنظيم الفائق والانضباط القوي والحياة المغايرة لما ألفنا في بيوتنا واختلاط ومعرفة واحتكاك بالطلاب من جميع الدول والأجناس والمبيت معهم جنبا إلى جنب في العراء والفضاء الرحب أو الغرف المتواضعه، والتقاسم معهم اللقمة وشظف العيش بقلوب راضية وثغر مبتسم.

الرحلة النيلية والوداع الأخير

في اليوم الأخير وقبل أن نودع قريتنا ـ ودائما الوداع قاسي ـ ومعسكرنا الذي كوّن معنا علاقة حب ذهبنا رحلة برية قصيرة إلى النيل مع مجموعة من الأصدقاء الذين أكن لهم محبة تزاحم الرواسي، قصدنا النيل والسرور يطفو على وجوهنا، وصلنا عيون الجمال حيث تتهادي المياه بأنسيابية عجيبة لا يخلو منها خرير لطيف يصاحبه حفيف ناعم للأوراق وزقزقة عندليبية للعصافير، وبعد إستشارتنا للمرشد السياحي الموجود في المنطقة إخترنا أجمل منطقة في النيل التي هي عبارة عن جزر متفرقة علي طول النهر وتشكل سلسلة طبيعية وتلال خضراء مطلة علي الشاطئ حيث تنسجم الطبيعة بالحضارة.

ومن مميزات المنطقة أنها قريبة جدا للشلال والخانق، والخانق وهو أضيق مكان في النيل ولا يتعدي عرض النيل في هذا الخانق بضع مترات ـ والنيل هبة الله للسودان ومصر تاريخه مرصعة بالحضارة والثقافة،منبعه آية في الجمال ومجراه أعجوبة في التناسق ومصبه وسيله الهادرمعجزة خالدة، وعبوره بأقسي الطبيعة وأصعب الجغرافيا وفي وسط الصحاري والجبال والكثبان بكل شموخ واعتزازشاهد على بديع صنع الله، ومما يزيد الدهشة ويوقفنا أمام النيل مقرين بعظمة صنع الخالق أن جميع أنهار العالم تجري من الشمال إلى الجنوب ما عدا نهر النيل فهو الوحيد الذي يجري من الجنوب إلى الشمال!


قصدنا نحو جزيرة خضراء في وسط النيل تحيطها المروج وتكسوها الأزهار المختلفة، في هذه الأجواء المفعمة بالبهجة تحلقنا حول مائدة شهية وملئية بكل ما أنعم الله علي النيل وأهل تلك القري الصغيرة المتفرقة على ضفاف النيل من أنواع السمك والفواكه والخضروات والأكلات الشعبية السودانية الشهية،وقصارى القول أن هذه الأمسية الرائعة أنستنا كل ما مر علينا في الأيام الأولى من الرحلة.

عطرنا صفحات الجزيرة بحرارة اللحن ودفء العناق والتنسم بأطياف الجمال وأظرف الفكاهات، والإستراحة بعذوبة الألفاظ وروعة الطرائف مع رفاق الدرب وزملاء الدراسة الذين سكنو في الفؤاد وتربعوا فوق ربى القلب وعرش الأوتار، وملؤوا دنيانا محبة ووفاء ونقشوا على صفحات قلوبنا حبا لا يمحى ولا يزول،وقبل الفراق المحتوم خلدنا هذه اللحظات العاطفية بصور تذكارية جماعية وجولة سريعة على النيل فوق قارب سريع، وقبل أن تغيب الشمس كنا قد جهزنا أنفسنا لمغادرة الجزيرة والعودة إلى المعسكر وحقا أحزنتني فراق تلك الجزيرة البهية وتلك الأمسية المتألقة.

وبعد أيام قضيناها بين الجبال والروابي والصحاري والبراري نكسر العينات ونقيس الاتجاه والمضرب ومقاومة الطبقات ومعرفة المعادن والتكوينات الجيولوجية وتمرنا بدقة قياس الجاذبية والطرق الكهربية ورسمنا خريطة جيولوجية رائعة إستخدمنا فيها جميع مهاراتنا ومعرفتنا في جو يسوده الاحترام والتعاون والمشاركة للأنشطة الدعوية والإجتماعية والثقافية التي تجعل الإنسان مدركا لكل الحقائق التي ـ ربما ـ كانت غائبة عنه دقت ساعة الرحيل والعودة إلى الخرطوم، ورغم أن الخرطوم نفسها لا تقل غربة ووحشة عن السبلوكة إلا أننا نحس ونشعر أننا ننتمي إليها.

رسم خريطة جيولوجية

حقيقة لم تكن سهلة هذه اللحظة الفارقة بل عزفت كثيرا أوتار الحزن وطرقت أبواب الشوق، وتركنا مرابع الأحبة ومعسكر الإخاء وموطن الجيولوجيا والتعلق واضح على مهجتي ليس ضعفا فيّ ولكن بسبب مغادرتي المرتقبة عن السبلوقة التي فتحت لنا قلبها وبطنها وخزائن ذاكرتها ومنحتنا علما وأدبا، والأماكن الوفية التي طالما سامرت عليها وألفت الجلوس علي ترابها.


غادرت المعسكر وبلا عودة هذه المرّة قبيل الظهر في يوم سيظل صداه يتردد علي جوانحي وطيفه لا يفارق مقلتي، نظرت إلى بصماتنا الواضحة في جنبات المعسكر وتمعنت في تفاصيله وألقيت عليه آخر نظرة من الشباك ألوّح يدي لتلك الغرف المتواضعة أردد: قد تنسانا الأماكن عندما نترحل عنها ولكن تبقى الذكرى العطرة في النفوس مادام الليل والنهار.

الفن، الاستبداد والاشتراكية.. وأشياء أخرى!

  بعد يوم غائم أعقب أسابيع من الحرارة والرطوبة الشديدتين؛ كان الليل الكسماوي صافيا وجميلا. الرذاذ الذي بدأ بالتساقط بعد التاسعة مساء ومجالسة...