الثلاثاء، 25 مارس 2014

تعقيب علي مقال: (جكجكا وشهد شاهد من أهلها )

 قرأت ما كتبه الأخ عبد العزيزعبد الله. في 18/03/2014  تحت عنوان (جكجكا وشهد شاهد من أهلها )
بداية أشكر للكاتب عبد العزيزعبد الله وإهتمامه بالمنطقة الصومالية في إثيوبيا، ولن أجعل سطور الأخ مدخلا لنقاشي، لكني أدون الحقائق بموضوعية وأدخل في صلب الموضوع مباشرة دون تهويل أوتنغيص، مشيرًا إلى جملة من الحقائق التي تُوضح عن الوضع الراهن في المنطقة وتقدم للقارئ الواقع كما هو، ومع إحترامي الشديد لكاتب المقال إلا أن معلوماته ناقصة وشهادته مجروحة، ولا يحمل المقال حقيقية الواقع، بدأ من نقطة البداية إلي آخر سطر للمقال، ومحتوى المقال لا يمت الحقيقة بصلة بل لا أساس له  فكرة ومضموناً.

سأبدأ كلماتي جوهرة الوطن والواجه الأبرز للإقليم (مدينة جكجكا) التي تعتبر أكبر مدينة في الإقليم الصومالي في إثيوبيا من حيث المساحة والسكان والخدمات الأساسية والبنية التحتية، وهي العاصمة السياسية والمركز الإداري للإقليم لوجود الوزارات والدوائر الحكومية المختلفة فيها.

وقد شهدت المدينة المكونة من عشرة أحياء تطوراً متسارعاً زادت حدته بشكل كبير جداً في السنتين الأخيرة ، حيث حدث تطور هائل في البناء العمراني والبنية التحتية  والتنمية المستدامة، واتسعت المدينة شمالاً وغربا بطريقة مذهلة حتى وصلت إلى قرية طجحلي( Dhagaxle )  في مرتفع جبل كارا مردا الشهير  Kaara Mardha.


وقد رافق هذا التطور المتسارع وإتساع المدينة ظهور أحياء وحارات جديدة نذكر بعض منها مثل حي Duda hude  و Aayar daga  و  Badda cas ، ونذكر كل هذه المناطق فقط لمجرد إدراك التطور العمراني الكبير بالعاصمة والذي رافقه تطور أفقي ونمو سكاني كبير، وهذه الزيادة العددية في االأحياء تبعه تطور ملحوظ إن لم يكن مذهلا لكافة المحاور مما يعني زيادة حاجة المدينة إلى المشاريع الخدمية ومضاعفة الجهود في التخطيط  والبرمجة والتنفيذ لتلك المشاريع.

ويمكن القول أن الدولة الإقليمية أولت إهتماما كبيراعلي راحة المواطن وخدمته من خلال تقديم الخدمات الأساسية من الصحة والتعليم والبرامج التنموية مجانا أو برسوم زهيدة ورمزية، وندرك حجم الخدمات الكبيرة إذا نظرنا المجتمع الذي يعيش في جكجكا وكيف يجد الإهتمام من أمانة العاصمة المنهمكة لتخفيف الأعباء علي المواطنين من خلال إعادة الإسكان ورفع حياة المواطنين، كما لا يخفى علي أحد بناء الطرقات الرئيسة لتخفيف الإزدحام.

وتهدف هذه المشاريع إلى إيجاد حياة كريمة للمواطن وتحسين مستوى المعيشة من خلال بنية تحتية ملائمة وتجهيز المرافق الأساسية للدولة، وعموماً فإن حركة البناء والتعمير في جكجكا تجري على قدم وساق في ظل حكومة إقليمية تحارب الفساد والمحسوبية .

وفي ظل التطور الملحوظ للإقليم والنمو السكاني في جكجكا وإزدياد الكثافة السكانية للمدينة نتيجة للإزدهار الإقتصادي والنمو الذي تشهده المدينة أصبحت جكجكا من أكبر عواصم الإتحاد الفيدرالي الإثيوبي ومن أهم المدن في شرق أفريقيا.

وإنطلاقاً من أهمية التعليم وأنها مجال لتأسيس مجتمع متقدم ومثقف حصين ضد تيارات الجهل والتخلف والتطرف والتشدد والعنف عموما، وكون التعليم مجالا حيويا وجسرا مهما لبناء مستقبل عظيم يكون فيه المجتمع قادرا على الإبداع والإبتكار والتجديد،عوض الإستهلاك والتقليد الأعمى والتبعية الثقافية والسياسية والاقتصادية، إهتمت الحكومة على تنفيذ المشروعات التعليمية والتربوية لتوسيع قاعدة التعليم ولبناء جيل جديد  موحد الرؤى والأفكار يحمل شعلة العلم والمعرفة إلي مجتمعه والعالم.

وهناك فرق شاسع وتفاوت ملموس بين العهد الفيدرالي الذي تعيشه إثيوبيا حالياً ، وبين عهد منجستو الشمولي المستبد من حيث التعليم وحرية الإدارة.  في ذلك العهد كان للإقليم الصومالي بضعة وعشرون مدرسة أساسية ومدرسة ثانوية واحدة فقط ، وكان المعلمون كلهم من قومية الأمهرة، أما اليوم فقد شهد الإقليم الصومالي طفرة تعليمية وقفزات ثقافية مذهلة وارتفعت عدد المدارس الثانوية إرتفاعا هائلاً .

وبقرار الرئيس عبد محمود عمر تم إنشاء عدد من المدارس الجديدة والمعاهد النموذجية  في مختلف محافظات الإقليم، وكذا العمل على تحسين بيئة التعليم وتطويرها وذلك لتوفير البنية الأساسية والمعدات الدراسية والتجهيزات الفنية والظروف الملائمة لتلقي العلم والمعرفة وتحسين هذا القطاع الحيوي المهم والذي تعلق عليه الأمة آمالا كثيرة لإنتاج جيل متسلح بالعلم والإيمان والوطنية في عموم مديريات العاصمة وكذلك بقية المحافظات الأخرى انطلاقاً من أهمية دور الشباب في بناء المستقبل للمنطقة .

ومن الصفحات المشرقة في  السنوات الأخيرة حوسبة المعرفة وصوملة التعليم ، مما أضفى علي الدراسة أهمية وتشويقا، من حيث صوملة التعليم فجميع المواد يتم تدرسها باللغة الصومالية في المرحلة الأساسية ، ويتعلم التلاميذ اللغة الأمهرية كمادة إختيارية في المنهج ، ورغم هذا مازالت الطموحات كبيرة جداً في تحسين هذا القطاع من خلال التركيز على تنفيذ عدد كبير من المشاريع التعليمية في المستقبل القريب.

كما أولت الحكومة قطاع الصحة إهتماما كبيرا، حيث وصلت جميع الأقاليم الخدمات الصحية إلى جانب تطوير المستشفيات الرئيسة وتوفيرها بالأجهزة والمعدات الطبية الحديثة والكادر المؤهل علمياً. و بما أن الصحة هي الركيزة الأساسية لإيجاد شعب موفور الصحة والسلامة، وإحداث تنمية بشرية مستدامة فقد ضاعفت  الحكومة جهودها نحو الصحة من خلال إنشاء المستشفيات والمراكز الصحية والعمل على تجهيز  المستوصفات التابعة للحكومة الإقليمية ومنحها بالمعدات والأجهزة الطبية اللازمة بغية تحسين مستوى الخدمات الصحية والعلاجية ، حيث أنه في الفترة الأخيرة تم التركيز على ضرورة إنشاء العديد من المراكز الصحية في عموم أحياء  العاصمة وذلك لتسهيل تقديم الخدمات الصحية للمواطنين وتخفيف معاناتهم بدل إنتقالهم  للمستشفيات العامة والكبرى.

ومن خلال رحلتي إلى إقليم دولو وشبيللي وجرر وقورحي لاحظت أن البنية التحية وأساسيات الحياة متوفرة في عامة المنطقة ، فمثلا المراكز الصحية تقدم خدماتها علي مدار الساعة، كما أن المعاهد والمراكز التعليمية تفتح ابوابها لآلاف الطلبة في الصباح، والكهرباء متوفرة للجميع، فلا تكاد تجد قرية صغيرة بها عشرة منازل إلا ومد إليها التيار الكهربائي ، والأعمدة التي تحمل الكابلات تسير بجانب الطريق الرئيسي.

ولمدينة جكجكا وجه آخر فهي مدينة متطورة بقدر ما هي مدينة آمنة ، فحينما يحل المساء ينتشر في شوارعها أكثر من عشرة تشكيلات  من رجال الأمن والشرطة بأزيائهم المختلفة لتأمين الناس والوطن.

وأخيرا أتفق مع الكاتب حول ما قاله عن الأمن ولا شئ آخر، وأما ما قاله الكاتب عن الإتفاقية التي أبرمتها الجبهة المتحدة لتحرير الصومال الغربي مع الحكومة الإثيوبية فلا يخفي علي أحد أن الإتفاقية أثمرت فوائد إيجابية لم يكن يتوقع بها أكثر المتفائلين تفاؤلا، وقادت للشعب داخل المنطقة الصومالية في إثيوبيا حالة من الإستقرار والهدوء وخلقت جواً من الإنفتاح والقبول .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

الكاتب:عبدالرزاق محمد عمر

الفن، الاستبداد والاشتراكية.. وأشياء أخرى!

  بعد يوم غائم أعقب أسابيع من الحرارة والرطوبة الشديدتين؛ كان الليل الكسماوي صافيا وجميلا. الرذاذ الذي بدأ بالتساقط بعد التاسعة مساء ومجالسة...