السبت، 16 نوفمبر 2013

الحرية لزكريا

الحرية والعيش في حياة الكرامة والعدالة من مقومات الحياة والحقوق الأزلية للبشرـ التي لا يمكن أن يعيش الإنسان بدونها، ولا يحق لأي كائن أن يسلبها عنه عنوة وبدون وجه حق وطريقة غير شرعية، ومصادرة الحقوق والحريات والدولة البوليسية التي تختطف الإبتسامة عن جبين البشر وتغتال الآمال في رحم الغيب وتتحكم علي حياة البشر الطبيعية، والتي تهدر الكرامة وتؤسس للحقد والضغائن منائرا ومباني، والتي لا تراعي حقوق الناس وحقهم ولا تعترف الأخوة الإنسانية ولا الإيمانية، والمواثيق الدولية ولا حسن الجوار والجغرافيا وروابط التاريخ، لا تستطيع أن تشرق عليها صباح التقدم ولا تستطيع إكبات صوت الحرية والذي يصدح ويغرد في داخل كل الأحرار.
أصبح الظلم والإضطهاد كرباجا يطارد الصوماليين في كل الدول وفي جميع أصقاع العالم، وخاصة الدول الذين نقول أنهم أشقاؤنا، اوالقريبة منا بحكم الروابط الجغرافيا والتاريخية أوالأواصر الأخرى، وهذا مما يزيد الألم والحرقة (وظلم ذوي القربي اشد مضاضة علي المرأ من وقع الحسام المهند) ومازال جرح الصوماليين ينزف دونما التئام! ومازال الإنسان الصومالي يعاني في كل دولة مصابة ببلادة الضمير ومفتونة بإبراز عضلاتها علي الضعفاء وتهز ذيلها للأقوياء والقوي العظمي كالقطط والكلاب!.
ومازال مسلسل العبث والإنتهاك الصارخ للحقوق والحريات جارية في الدول التي تحارب التنوير الفكري والمعرفي، ومازال قوافل المعتقلين تعج بهم السجون السرية والعلنية للدول البوليسية التي تتحكم الأنفاس وتكمم الأفواه وتراقب التلفزيون والإذاعة والصحف والمجلات والفضاء الإلكتروني، الذي أصبح الصحافة البديلة والحقل الأكثر إنتشارا وسهولة، بعدما نالت القبضة الحديدية للدول علي كافة المؤسسات التقليدية التي كان المجتمع يجد عبرها الأخبار والنشرات والمستجدات.
وزكريا محمد الذي اقتيد في عمله يوم 20 أبريل 2013م  والذي يعاني من الظلم والإضهاد، والمعتقل في سجون السعودية بدون ذنب إقترفه وبدون سبب واضح حتي هذه اللحظة، ما هو إلا حلقة من ذالك المسلسل العنجهي الذي تعانيه الأمة الصومالية بعدما انفرط عقدها وحاربت مع نفسها، وزكريا الذي عاش وترعرع في السعودية حتي اصبح واحدا منهم قلبا وقالبا، كان مثقفا واعيا ذات مساهمات فعالية نحو اللحاق لركب الأمم المتقدمة، وكان يحاول مساهمة تغيير الأفكار السالبة للمجتمعات العربية والإسلامية وطرح افكار بديلة وراقية للوصول إلي مصاف الدول المتقدمة التي تجعل العلم نبراسا لنهضتها ومنارة لتقدمها.
لم أعرف كثيرا عن شخصية زكريا ولم أتشرف بلقائه، بل تعرفت عليه عبر كتاباته الفكرية والنقدية، وحبه الكبير لنهضة الأم قاطبة، وأن يري الرفاهية والتطور قد غمر حياة أمتنا العربية والإسلامية،وتحول البؤس والشقاء إلي رخاء ورفاهية، ومقالاته المفعمة بالوطنية والمزدانة بحب الوطن والأمل، وقادني وميض قلمه السيال أن أكون متابعا جيدا لمشاركاته سواء كان في ال"مواقع التواصل الإجتماعي" أو عبر المواقع العربية المحتلفة، وكان مثالا للشاب الغيور والمثقف الذي تؤلمه وضع أمته وتخلفها عن الركب والعالم، رغم أنها تزخر بالثروات الطبيعية والكثافة السكانية والمواقع الإستراتيجية التي تؤهلها ريادة الكون وقيادة العالم.
فقدتُ زكريا وكنت أعتقد أن الحياة قد غمرته ومعترك الحياة طوت عليه، وكان أول مرة عرفت أنه قابع في السجن عندما قرأت منشورا عاطفيا كتبته زوجة زكريا الأخت فاطمة الزهراء، فوقع الخبر عليّ كالصاعقة وبالتأكيد كان شديد الوقع مؤثرا! ولم أكمل قرآة النص لقوة كلماته وصدق المشاعر التي تنساب من الأعماق الملتهبة بعفوية ممزوجة بالحب والحنان.
شعرت بضيق وخنق شديد عندما أدركت مدي الظلم الذي يعانيه أخي زكريا في زنزانته، وتعانيه أختي فاطمة الزهراء في إنتظاره وترقبه، وأمام ضعفنا وعدم قدرتنا علي فعل أي شئ تجاه هذا الظلم السافر والإعتقال التعسفي الذي طال زكريا، وفي ظل عدم وجود حكومة صومالية قوية تستطيع أن تتدخل الموضوع لصالح زكريا ـ فك الله أسره ورجع إلينا سالماـ وتحمي رعاياها.
وهكذا يؤلمنا الجرح بلا ضماد ولا آسي، ويمزق الغيظ في أحشائنا وتهجر النوم عن مقلتنا، ولا نستطيع فعل غير ذالك لأن العين بصيرة واليد قصيرة!.
ولكن عزتؤنا الوحيد أنه لايوجد في الكون قوة تستطيع إغتيال الأمل في قلوبنا وتكميم أفواهنا وتكبيل اقلامنا مهما كانت سطوتها وجبروتها، والواجب الأخلاقي والإنساني يملي ضميرنا أن نكافح من أجل العدالة والحرية وأن يعش الناس بالمساواة، وتجبرنا الإنسانية أن نقف إلي جانب المظلوم والمضطهد، وواجب الوطنية والدم والقرابة تحثنا أن نقف ضد الظلم والإستبداد ووضع الأحرار وراء القضبان بدون أية جريمة أو تهمة موجهة إليهم.
ولئن كان زكريا يعاني الحيف والظلم والإضطهاد في عقر زنزانته الموحشة فقد تجرع جموع أصدقائه مرارة العجز والترقب ورفعوا اياديهم تضرعا إلي الله أن يفك أسره وينهي غربته، وسطرت زوجته الوفية أروع المثل في الحب والإخلاص وعدم الإستسلام!.
ورسالتي لشقيقتي  فاطمة ولإسرة زكريا هي:(أن ليل الظلم لا يدوم وتباشير العدل قد لاحت في الأفق، والأمل يجب أن يكون شمعة لا تنطفئ مهما كانت الزوابع قوية وديجور الظلم دامسا، وضعفي وعجزي عن مساعدتكم وألمكم كان هاجسا عقد لساني، وشكلني صدمة أمام ما تعانيه عزيزتي فاطمة والأسرة الكريمة، وقريبا ستنتهي محنة أخي.
الأجيال القادمة سيعرف منك يافاطمة معني الوفاء في أحلك ساعات العمر والناضل من أجل الحب والحرية وقدسية الحياة.وعندما يطلق سراحه سيعلم ـ وربما علم الآن وهو قابع وراء القضبان ـ تحركاتك الواسعة في جميع الميادين وسهرك ليل نهار ليشم زكريا ريح الحرية من جديد، ونحن نفتخر بك لكونك عنوانا للحب والطهر والوفاء وملهمة للأجيال القادمة.
ستكوني نبراسا للعظمة يا عزيزتي وقريبا ـ بإذن الله- سيفرج سراح زكريا ونتذكر ساعات الأمل بعد إنتهائه، لأن ليل الظلم قصير يا فاطمة، وزكريا عاش معنا نجما تشرئب إليه الأعناق وينثر عبق الوصال والأفكار الجيدة، وسيعيش رافع الراس منتصرا، وإن وضعوا جسده في داخل زنزانتهم الضيقة وحكموا علي قوانينهم الظالمة بدون جريمة وذنب إقترف، سوى أنه ينتمي إلي الشعوب التي لا تجد سياجا يدافع عنها، وحكومات قوية يصل صوتها وبوضوح إلي مسامع الظالمين والسجانين وموزعي الكراهية، وسلبوا حريته وأودعوا في قعر السجون المظلمة يواجه أبشع أنواع الظلم والجور،مازالت إبتسامته البرئية تملأ المكان وطيفه النوراني البهي يدور علي مخيلة ذويه ومحبيه وأحرارا العالم، وكل من يابي الضيم ويحارب الظلم في اي دين يعتنقه وفي أي أيديولوجية ينتمي إليها، ومأواه الحقيقي هو قلوبنا الواسعة وحبنا الصادق ومسكنه حدقات عيوننا.

ضفائر الشمس في الصباح ترسل جدائل ضوئها لتزرع الأمل في قلوبنا، وذؤبات الشعاع الغارقة في دنيا العرفان تملأ جوانحنا صبرا يفوق الخيال، وتحرقنا لواعج الزنزانة ورغم ذالك نتجلد حتي يرى الجلاد تحملنا وقوتنا لنوائب الدهر وغطرسة الإنسان، وأخيرا نسأل الله أن يفرج كربتنا ويطلق سراح حبيبنا زكريا، ونحن مع أسرته قلبا وقالبا وسنستخدم كل الوسائل ليعود إلينا زكريا، وفي درب النضال إلي حرية الأخ ماضون حتي يتحقق النصر إن شاء الله.
*ملاحظة: الصورة من مدونة فاطمة الزهراء الشيخ

ميناء غَرَعَدْ.. بارقة أمل في وسط الهزائم

  بعد انتهاء معرض مدينة "جالكعيو" للكتاب الذي كان يهدف إلى نشر السلام والمصالحة الشاملة بين القبائل -قبل تعزيز الثقافة والمعرفة- ف...