الخميس، 28 يناير 2016

هنا

"أ"
هنا ترقد الكتابة بجمال على قدر الوطن..وجع يليق بمآسي الزمن
وهنا تعزف السطور ألحان الإبداع نشوى، وتلحن القصص حبكتها ولهى
في خبايا النصوص أمنيات قديمة هرمت وشاخت...
وفي وسط الكلمات أحلام إغتالتها الحروب في رحم الغيب.
وفي غياهيب الحروف آمال الطفولة الطرية...
وألم المنافي البعيدة...
وشجن الغربة القاتلة...
ودفء المشاعر الصادقة والأحاسيس العتيقة.
"ب"

في ردهات المدونة وأقسامها المتنوعة ستقرأ...
حياة مؤلمة كوجع الاسنان...
ومسرات في أحضان المرارة والعنف...
وأهازيج الحياة في وسط الحروب وفوضى المدن...
وكتابة تصور في مسرح الخيال صورة لأزمنة مضت...
وومضات إيمانية تعيدنا الى مرآفيء الحياة...
وشذرات عبقة لحكاوي وألعاب ورقصات باذخة البريق
"ج"

في جناح الليل في شروق الشمس في غروب القمر  يسكب القلم مداده...
وتومض الكلمات في وسط المراتع الظامية كقناديل الضياء...
ستجد هنا مقالات مشحونة برائحة الوطن وأريج الشعب.
وكلمات مزدانة بعبق الحنين وألم الحب الجريح...
وهمسة روحانية للكتابة العذبة والنصوص النقية..
ونشوة موغلة في الجمال لهدأت الإيقاع وهديل اليراع...
وملامح أحلام ساكنة في وجنات السماء وفي بطون المدن وصفح القرى.
سحر الأمكنة وصوت الطبيعة ينسيان الضيم والضنى...
وستجد هنا حياة صومالية باذخة البريق...
وألحان موسيقى ربما صادفتك في دروب العمر...
وهمسات كتابية تخترق أمواج الصومال الهائجة...

"د"

في نافذة الأدب سحر الكلمات وشجن أحاديث شاي العتمة...
وعزف الحروف على مزامير أمسيات الأنس السمر.. ..
وذرف الدموع على وقع أنغام الترحال وأناشيد الفراق ....
وفي سهوب التأريخ إيماءة خفية لحياة ذابت في فلوات الصراعات...
وفي التبعثر الجغرافي وطن ذابل كغصن خريفي...
وقرى أصبحت مصيدة للعابرين... 
وفي الترحال عبق الترحال الى صوب أمكنة الجمال..
ويتضوع القلم بأريج الثقافات وخيوط الحكاوي في دروب المدن.
وفي الفن أغاني الصومال وطبولها... وأنغام الرعاة وصفيرها.
وتراث الأمة وتقاليدها...
ألحان عتيقة وصامدة كتراب الوطن...
وأصوات مدهشة للحناجر السمراء الذهبية.
وفي الحب أحاسيس مكثفة بإنكسارات العاطفة...
ولواعج الهيام الأبدية...
وجنون الهوى في شذى السحر
وفي السياسة عبرات ساخنة تترقرق في المآقي...
من أجل وطن أصبح حلبة صراع مكشوفة للأيادي الخارجية...
وشعب فمه مفتوح لكل لقمة وأنزلق في أحضان العنف والكراهية.
وفي الإسلاميات تراتيل عذبة لأناشيد صوفية رائعة...
ووجدان صافي تعبثه الأشواق وتحركه التجليات...
وزوايا عتيقة لمساجد ترشد الضالين إلى سبيل الخير والهدى...
وتأوي التآئهين في الممر العابر بين أريج الهداية وكير الغواية...
وفي الغربة رنات موجعة وأنين مؤلم...
وشقاء الحنين وعذاب المنافي...
وألم يلتهم الأشياء.. وينهم النضارة.
 
وفي الرياضة عزف سيمفونية كروية في داخل المدونة...

السبت، 9 يناير 2016

العنصرية وأزمة الهوية في الصومال

أثارت شجوني محاضرة ألقاها بروفيسور عمر إينو وهو أستاذ مرشح لنيل درجة الدكتورة في التأريخ الإفريقي من جامعة ولاية بورتلاند الأمريكية، وأطروحته تعالج العرق، والرق، ولإستعباد والعنصرية البغيضة ضد شريحة كبيرة من المجتمع الصومالي، وهي القبائل الصومالية التي تنتمي إلى العرق الزنجي أو صومال بانتو التي تسكن مساحة كبيرة من الأراضي التاريخية للصومال وخاصة على ضفاف الأنهار والأراضي الخصبة بين النهرين (نهري شبيللي وجوبا في الصومال).

نكأت المحاضرة جرحا قديما جديدا في نفسي، وأثارت كلمته الهادفة ومحاضرته القيمة التي كانت تتناول واحدة من أهم القضايا الشائكة والصعبة الموجودة في المنطقة الصومالية، سواء كانت الجمهورية الصومالية أو الأقاليم الأخرى التي تسكنها القومية الصومالية (أوغادينيا في إثيوبيا، وإقليم إنفدي في كينيا، وجيبوتي).

البروفيسور تحدث بخنق وإستياء عن الصومال والصوماليين ونظرتهم الحقيرة للإفريقيانية وكراهيتهم الشديدة للإنتماء الإفريقي، وإدعائهم أنهم ينتمون إلى السلالة العربية الشريفة في نظر معظم الصوماليين، وكأنهم ليسوا أفارقة ومن جنس مليار نسمة من الإفريقيين السود الذين يعيشون على القارة السمراء منذ أن تمازجت السلالات والأعراق، ويرجع إدعاء معظم القبايل الصومالية العرق العربي حبهم الشديد للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وأل بيته الطيبين، إضافة إلى التفاخر والهجو والتكبر الشديد الذي كان موجودا في داخل المجتمع الصومالي البدوي الذي كان يمدح ويهجوا القبائل حسب النسب والحسب وشرف العرق وعراقة الإنتماء.

التمييز العنصري والتحقير العرقي المبني على اللون والشكل، والنسب، والملامح، والمهنة، أوالميثولوجيا الصومالية والحكايات المتوارثة عن الأجيال هي مشكلة تواجه أطيافا عدة من المجتمع الصومالي، فبعض القبائل يتم تمييزهم باللون والعرق والملامح والشكل ويتم إبعادهم عن توزيع الثروة والسلطة ومشاركة حكم البلد نظرا لعرقهم وملامحهم ولا يمتهنون إلا بالمهن الحقيرة في عيون الإنسان الصومالي البدوي الذي لايرى غير رعي الإبل مهنة شريفة تستحق المزاولة، وهؤلاء هم القبائل الزنجية أو ما بات يعرف  (Somali Bantu)، وبعض القبائل يتم تمييزهم نظرا لمهنتهم  وللأساطير الصومالية المروية التي تتحدث عن وقوع كوارث طبيعية  في الحقب الحياة القديمة للإنسان الصومالي، وتعميم مجاعة أهلكت الحرث والنسل في القطري الصومالي، وفي عز الكوارث وفي قمة إنعدام الطعام والماء أكلت بعض القبائل الجيفة ولم يستطيعوا ان يصمدو ويتجلدوا أمام وقع الجوع والمسغبة، وهم قبائل عدة أمثال مدجان مطبان تمال وغيرهم.

وهذه نظريات بعيدة عن المنطق والعقل، ولا أعتقد أنها حدثت في الواقع، بل هي مبنية على الخيالات والأساطير الوهمية، ولو فرضنا جدلا أنها وقعت فالإسلام أحل أكل الميتة عند الضرورة، ورغم أن الفئة الأخيرة لا يمكن تمييزهم عن معظم القبائل الصومالية سحنة وملمحا إلا أنهم يعانون تمييزا من نوع آخر، وهو التمييز الثقافي وعدم المخالطة والإنسجام التام للمجتمع، ويعانون حصارا تقليدا خانقا، وقطيعة في الزواج والتصاهر، ولا يجدون مشاركة فعالة وحقيقية في حكم البد وتعيين المناصب الرفيعة في السلطة.

في الصومال وحيث تسود الثقافة البدآيئة التي تفرضها العادات والتقاليد والموروثات الشعبية، والأعراف البدوية التي تمجد العرق وتقدس النسب والحسب مازالت العنصرية تكبل حياة الشعوب، ومازالت مأساتها تكدر حياتهم، وفي الأونة الأخيرة بدأت هذه القبائل حراكا وأنشطة ثقافية وتوعوية بدأ في المهجر وخاصة الدول الغربية التي وجدها القبائل المضهدة حرية كبيرة لتعبير آرائهم وأفكارهم، وسرعان ما وصلت صدى الإجتماعات والنشاطات الخارجية إلى الوطن ليسود على الساحة الصومالية وينتشر على ربوعها كإنتشار النار في الهشيم، وأخذ حيزا مهما من النقاشات والمنتديات والبرامج التلفزيونية والثقافية والندوات الصومالية المنعقدة في الداخل والخارج.

الفن، الاستبداد والاشتراكية.. وأشياء أخرى!

  بعد يوم غائم أعقب أسابيع من الحرارة والرطوبة الشديدتين؛ كان الليل الكسماوي صافيا وجميلا. الرذاذ الذي بدأ بالتساقط بعد التاسعة مساء ومجالسة...