الأحد، 9 نوفمبر 2014

مشهد مؤثّر من السودان.


الإنسان عواطف ومشاعر وأحاسيس، وفي كنه جبلته الإنسانية خلق الشوق، والأنس، والضجر، والبكاء، والضحك، والهيام واللوعة، وجميع ثتنائيات الحياة المرعبة لتكون هذه الثنائيات مدار حياته وميدان عمره، ومن طبيعة البشرية الحنين إلي الرفيق أو الحبيب أو الصديق، وخاصة إذا رجع إلى دفئ الوطن قبل دفء العروق التي تنبض داخل قلوبنا، وبعدما ابتلعته الغربة وغرق في أمواج المنافي ولازم عصى الترحال ردحا من الزمن.

وتظهر العاطفة الجياشة ورهافة القلب والمشاعر الرقيقة علي سجية بعض البشر وتدخل في وجدانهم ومكامنهم، فيما تختفي تلك العاطفة عند بعض الشعوب لتحجر قلوبهم وخشونة طبائعهم وصلابة مواقفهم، ومن المجتمعات التي تظهر عليها تلك العاطفة الإنسانية التي لا يستطيع المرأ  إخفائها المجتمع السوداني النبيل.

قبل أن أتعرف علي الشعب السوداني عن كثب، كنت أتعجب لبعض المواقف والمشاهد، لما أجد فيها من الإختلاف الكبير بين بيئتي التي ولدت فيها وبين البئية الجديدة التي تتطلب التكيف ومعرفة الخصوصية الثقافية للشعوب، رغم ان العادات والتقاليد الصومالية السودانية متقاربة جدا، وخاصة العادات القديمة والتراث التأريخي للشعبين.

ولكن بعدما عشت معهم سنوات وتعرفت علي نمط حياتهم وسلوكهم ووجدانهم،  وجدت أنهم شعب راقي، سهل الطباع، كريم السجايا، وذات أسلوب حياتي مفعم بالحب والمشاعر الدافئة، والمواقف الإنسانية التي تترك في النفس أثرها البالغ.  ومن المشاهد الملفت للنظر وخاصة لصومالي مثلي عاش في مجتمع يغلب عليه الطابع البدوي الخشن والحياة الرسمية التي لاتعرف المجاملات ولا ترى الدموع إلا عند موت عزيز وفقدان حبيب "مشهد البكاء عند الوداع والإستقبال".

 كنت في مطار الخرطوم الدولي وفي إنتظار شخصية مهمة قادمة من العاصمة الكينية نيروبي كل شئ هنا أنيق ورائع، هدؤ مطبق وسكوت رهيب يتخلله صوت الإستعلامات ودبدبة الأشخاص وهمسات المنتظرين وبعض الضحكات الخجولة ورنات الهواتف الذكية.تهوئة جيدة للصالة يزدانها فتياة في عمر الزهور جدائلهن متدليات علي جيدهن، و براعم كالورود ينتظرون الحبيب القادم مع أسرهم.

الفن، الاستبداد والاشتراكية.. وأشياء أخرى!

  بعد يوم غائم أعقب أسابيع من الحرارة والرطوبة الشديدتين؛ كان الليل الكسماوي صافيا وجميلا. الرذاذ الذي بدأ بالتساقط بعد التاسعة مساء ومجالسة...